لما انفذ ابن زياد برأس الحسين (عليه السلام) إلى يزيد تقدم إلى عبدالملك بن أبى الحديث السلمى فقال: انطلق حتى تأتى عمرو بن سعيد بن العاص بالمدينة فبشره بقتل الحسين، فقال عبدالملك: فركبت راحلتي وسرت نحو المدينة فلقيني رجل من قريش فقال: ما الخبر؟ فقلت: الخبر عند الامير تسمعه، قال: انا لله وانا اليه راجعون قتل والله الحسين (عليه السلام).
ولما دخلت على عمرو بن سعيد فقال: ما ورائك؟ فقلت: ما يسر الامير، قتل الحسين بن على (عليه السلام)، فقال: اخرج فناد بقتله، فناديت فلم اسمع واعية قط مثل واعية بنى هاشم في دورهم على الحسين بن على (عليهما السلام) حين سمعوا النداء بقتله، فدخلت على عمرو بن سعيد
عجت نساء بنى زياد عجة * كعجيج نسوتنا غداة الارنب
ثم قال عمرو: هذه واعية بواعية عثمان، ثم صعد المنبر فاعلم الناس بقتل الحسين بن على ودعي ليزيد بن معاوية ونزل.
ودخل بعض موالى عبدالله بن جعفر بن ابي طالب (عليه السلام) فنعى اليه ابنيه فاسترجع، فقال ابو السلاسل مولى عبدالله: هذا مالقينا من الحسين بن على (عليهما السلام)؟ فحذفه عبدالله بن جعفر بنعله، ثم قال: يأبن اللخناء اللحسين (عليه السلام) تقول هذا؟ والله لو شهدته لأحببت أن لا أفارقه حتى أقتل معه، والله انه لمما يسخى نفسى عنها ويعزى عن المصاب بهما انهما أصيب مع أخى وابن عمى مواسين له، صابرين معه، ثم أقبل على جلسائه فقال: الحمد لله الذي عز على بمصرع الحسين (عليه السلام)، ان لا اكن آسيت حسينا بيدي فقد آساه ولدى.فخرجت ام لقمان بنت عقيل بن ابي طالب رحمة الله عليهم حين سمعت نعى الحسين (عليه السلام) حاسرة، ومعها اخواتها: ام هاني، وأسماء، ورملة، وزينب، بنات عقيل بن أبي طالب رحمة الله عليهن تبكى قتلاها بالطف وتقول:
ماذا تقولون ان قال النبي لكم * ماذا فعلتم وانتم اخر الامم
بعترتي واهلي بعد مفتقدي * منهم اسارى ومنهم ضرجوا بدم
ماكان هذا جزائي اذ نصحت لكم * ان تخلفوني بسوء في ذوي رحمي
فلما كان الليل من ذلك اليوم الذي خطب فيه عمر بن سعيد بقتل الحسين بن علي (عليه السلام) بالمدينة سمع اهل المدينة في جوف الليل منادي ينادي يسمعون
صوته ولايرون شخصه:
ايها القاتلون جهلاً حسيناً * ابشروا بالعذاب والتنكيل
كل اهل السماء يدعوا عليكم * من نبي وملاك وقبيل
قد لعنتم على لسان بن * داود وموسى وصاحب الانجيل.