لا شك أن Ø§Ù†ÙØ±Ø§Ø¯ العباس (عليه السلام) بمقام خاص دون سائر الشهداء مع الإمام Ø§Ù„ØØ³ÙŠÙ† (عليه السلام) ÙÙŠ كربلاء يدلّ على مكانة خاصة ومميّزة لذلك العبد Ø§Ù„ØµØ§Ù„Ø Ø¹Ù†Ø¯ الله عزَّ وجل، ولا شك بأن الكرامات Ø§Ù„Ù…Ø¹Ø±ÙˆÙØ© عنه أيضاً والمشهورة والذائعة الصيت بين الجماهير الموالية لأهل بيت العصمة عليهم السلام تشير إلى ذلك، وكذلك Ø§Ù†ÙØ±Ø§Ø¯Ù‡ بزيارة خاصة إلى جانب زيارة الإمام Ø§Ù„ØØ³ÙŠÙ† (عليه السلام) وعلي الأكبر والشهداء تدلّ Ø¨ÙˆØ¶ÙˆØ Ù„Ø§ مزيد عليه على عظمة تلك الشخصية Ø§Ù„Ù…ØªÙØ±Ù‘عة من الشجرة العلوية المباركة صنو النبوّة وتوأمها ÙÙŠ الجهاد الكبير المؤسس لمسيرة الإسلام.
ومما يؤس٠له أن سيرة العباس (عليه السلام) لا نملك منها الشيء الكثير من Ø§Ù„ØªÙØ§ØµÙŠÙ„ØŒ إلاَّ أن مواقÙÙ‡ الرسالية الثابتة والقوية ÙÙŠ كربلاء وتضØÙŠØªÙ‡ واستبساله ÙÙŠ الذود عن الإمام Ø§Ù„ØØ³ÙŠÙ† (عليه السلام) واستشهاده ÙÙŠ المعركة تعطينا صورة ÙˆØ§Ø¶ØØ© لا غبار عليها، خاصة إذا Ù„Ø§ØØ¸Ù†Ø§ أنه كان ØØ§Ù…Ù„ اللواء ÙÙŠ معسكر الإمام (عليه السلام) والمعلوم أن ØØ§Ù…Ù„ اللواء عادةً يكون من أوثق الناس وأشدّهم إيماناً بمبادئه وأقواهم مراساً وعراكاً وخبرة ÙÙŠ القتال.
من هنا نرى أن الإمام Ø§Ù„ØØ³ÙŠÙ† (عليه السلام) لم ÙŠÙØ±Ù‘Ø· بالعباس من أول المعركة، وإنما تركه إلى جانبه ØØªÙ‰ المرØÙ„Ø© الأخيرة من مجرياتها، وكان أغلب من هم مع الإمام (عليه السلام) سواء من Ø£ØµØØ§Ø¨Ù‡ أو من أهل بيته قد نالوا درجة الشهادة الرÙيعة وارتØÙ„وا إلى الله العلي القدير أما Ø§Ù„ÙˆÙ‚ÙØ§Øª التاريخية التي سجَّلتها وقائع السيرة Ø§Ù„ØØ³ÙŠÙ†ÙŠØ© للعباس سلام الله عليه Ùهي ما يلي :
أولاً : Ø±ÙØ¶Ù‡ لأمان الأمويين : وهذا ما تكرّر مرتين، ÙÙÙŠ المرة الأولى أرسل ابن زياد أماناً للعباس وأخوته بسبب ØªÙˆØ³Ù‘ÙØ· Ø£ØØ¯ أخوالهم، إلاَّ أن العباس (عليه السلام) أجاب عن ذلك بقوله:
" أبلغ خالنا السلام وقل له أن لا ØØ§Ø¬Ø© لنا ÙÙŠ الأمان، أمان الله خير من أمان ابن سمية "ØŒ والمرة الثانية كانت ÙÙŠ اليوم العاشر عندما نادى الشمر لعنة الله عليه أين بنو أختنا، أين العباس وأخوته؟ إلاَّ أنهم أعرضوا عنه، Ùقال الإمام Ø§Ù„ØØ³ÙŠÙ† (عليه السلام) أجيبوه ولو كان ÙØ§Ø³Ù‚اً، ÙØ£Ø¬Ø§Ø¨ÙˆÙ‡ وقالوا: ما شأنك وما تريد؟ قال: يا بني أختي أنتم امنون لا تقتلوا Ø£Ù†ÙØ³ÙƒÙ… مع Ø§Ù„ØØ³ÙŠÙ† والزموا طاعة أمير المؤمنين يزيد، Ùقال العباس عليه السلام:
" لعنك الله أتؤمننا وابن رسول الله لا أمان له وتأمرنا أن ندخل ÙÙŠ طاعة اللعناء وأولاد اللعناء ".
إن ذلك الموق٠المشرّ٠من العباس (عليه السلام) ØØ±ÙŠ Ø¨Ø§Ù„Ù…Ø¤Ù…Ù†ÙŠÙ† الملتزمين المجاهدين أن يكون لهم درساً بليغاً عندما يكونون ÙÙŠ Ø³Ø§ØØ§Øª القتال ضد الأعداء وتعرض عليهم أمثال ذلك النوع من الأمان الكاذب من القتل ØŒ لأن الاستجابة لمثل تلك النداءات الخبيثة هي الخسارة الكبرى ÙÙŠ الدنيا والاخرة، وكي٠يمكن للعباس وهو شبل أمير المؤمنين (عليه السلام) أن يقبل Ù„Ù†ÙØ³Ù‡ بوصمة العار الأبدية ÙÙŠ الدنيا والاخرة.
ثانياً : موقÙÙ‡ ليلة العاشر من Ø§Ù„Ù…ØØ±Ù… :
ØÙŠØ« أنه ÙÙŠ تلك الليلة الأخيرة Ù„Ø£ØµØØ§Ø¨ Ø§Ù„ØØ³ÙŠÙ† (عليه السلام) ÙÙŠ هذه الدنيا كان الإمام (عليه السلام) قد جمعهم وخطب Ùيهم قائلاً:
" أما بعد ÙØ¥Ù†ÙŠ Ù„Ø§ أعلم Ø£ØµØØ§Ø¨Ø§Ù‹ أولى ولا خيراً من Ø£ØµØØ§Ø¨ÙŠ ØŒ ولا أهل بيت أبرّ ولا أوصل من أهل بيتي ÙØ¬Ø²Ø§ÙƒÙ… الله عني جميعاً ... ÙØ§Ù†Ø·Ù„قوا جميعاً ÙÙŠ ØÙ„ ليس عليكم مني ذمام ØŒ وهذا الليل قد غشيكم ÙØ§ØªØ®Ø°ÙˆÙ‡ جملاً، وليأخذ كل رجل منكم بيد رجل من أهل بيتي... "ØŒ وعند ذلك قام العباس
عليه السلام وقال:
" Ù„ÙÙ…ÙŽ Ù†ÙØ¹Ù„ ذلك؟ لنبقى بعدك، لا أرانا الله ذلك أبد " إن تلك الكلمات لا ريب أنها أثلجت قلب الإمام Ø§Ù„ØØ³ÙŠÙ† (عليه السلام) الذي أراد أن يكتش٠مدى القوة والصلابة عند أولئك Ø§Ù„Ø£ØµØØ§Ø¨ وعند أهل بيته عليه السلام، أولئك المقبلون عند إنتهاء ذلك الليل على المعركة التي كانت نتيجتها العسكرية Ù…ØØ³ÙˆÙ…Ø© قبل البدء ÙÙŠ القتال، ولا شك أن كلمات العباس (عليه السلام) قد شجَّعت الكثير من Ø§Ù„Ø£ØµØØ§Ø¨ أيضاً على التعبير عن Ø§Ù„ÙˆÙØ§Ø¡ وعن الالتزام بالقتال إلى جانب الإمام Ø§Ù„ØØ³ÙŠÙ† عليه السلام.
ÙØ§Ù„عباس (عليه السلام) كان بإمكانه لو لم يكن يعيش Ø§Ù„ÙˆÙØ§Ø¡ لدينه وإسلامه وإمامه، لكان رضي بذلك العرض السخي والكريم من الامام (عليه السلام) Ù„ØÙظ ØÙŠØ§ØªÙ‡ ÙˆØÙŠØ§Ø© أخوته بذلك أيضاً، ÙˆÙÙŠ هذا الموق٠درس بليغ وموعظة لكل المجاهدين الثائرين الذين قد يصادÙون مثل هذا الموق٠من قادتهم ØØ±ØµØ§Ù‹ على ØÙŠØ§ØªÙ‡Ù…ØŒ ولهذا ÙØ¥Ù† المجاهدين الذين قد تعرض عليهم مثل هذه القضايا أن لا يأخذوا من ذلك ذريعة Ù„Ù„Ø§Ù†Ø³ØØ§Ø¨ والتخلّÙ٠خاصة إذا كانت المعركة قائمة.
ثالثاً : موقÙÙ‡ عند مشرعة الماء :
إن قطع الطريق من جانب الجيش الأموي أمام Ø§Ù„ØØ³ÙŠÙ† (عليه السلام) ÙˆØ£ØµØØ§Ø¨Ù‡ وأهل بيته، قد أوصل كل من ÙÙŠ معسكر الإمام (عليه السلام) إلى ØØ§Ù„Ø© شديدة من العطش ÙÙŠ ذلك الجو اللاهب الناتج عن شدة ØØ±Ø§Ø±Ø© الشمس وسخونة رمال Ø§Ù„ØµØØ±Ø§Ø¡ØŒ والعباس (عليه السلام) كان ÙŠØÙ…Ù„ لقب " السقّاء " لأنه كان متكÙلاً لشدَّة بأسه وشجاعته Ø¨Ø¥ØØ¶Ø§Ø± الماء، وكان قد ÙØ¹Ù„ ذلك قبل اليوم العاشر، Ùهنا تجمع روايات السيرة Ø§Ù„ØØ³ÙŠÙ†ÙŠØ© أن العباس (عليه السلام) شق جموع ذلك الجيش ووصل إلى المشرعة عند ØØ§ÙØ© النهر، ÙˆØ§ØºØªØ±Ù ØºØ±ÙØ© بيده لكي يشرب لإرواء بعض ظمأه الشديد، إلاَّ أنه تدارك الأمر وتذكر أن سيده وإمامه Ø§Ù„ØØ³ÙŠÙ† (عليه السلام) يعاني مثله العطش أيضاً، Ùما أسرع ما رمى الماء من يده، ومثَّل ذلك شعراً Ùقال:
يا Ù†ÙØ³ من بعد Ø§Ù„ØØ³ÙŠÙ† هوني وبعده لا كنت أن تكوني
هذا Ø§Ù„ØØ³ÙŠÙ† وارد المنون٠وتشربين بارد المعين
ÙØÙ…Ù„ وهو شديد العطش قربة الماء ليوصلها إلى الإمام (عليه السلام) وأهل بيته لكي يشربوا، إلاَّ أن القوم الظالمين عالجوه عبر كمين بقطع يده اليمنى Ùنقل الماء إلى يده اليسرى ÙØ¨Ø§Ø¯Ø±ÙˆÙ‡ بقطعها أيضاً، ومع ذلك لم ييأس من إيصال الماء ØŒ إلى أن أصابت السهام قربة الماء ÙØ£Ø±ÙŠÙ‚ ماؤها، وانهمرت عليه السهام إلى أن سقط صريعاً إلى الأرض، ونادى الإمام Ø§Ù„ØØ³ÙŠÙ† (عليه السلام) ÙØØ¶Ø± عند جسده الشري٠يريد ØÙ…له إلى المخيم ØŒ ÙØ¥Ø°Ø§ بالعباس ÙŠØ±ÙØ¶ ØŒ إذ كي٠سيواجه العطاشى من النساء ÙˆØ§Ù„Ø£Ø·ÙØ§Ù„ الذين كانوا ينتظرون الماء الذي كان ÙŠØÙ…له إليهم ليرتووا.
إن ذلك الموق٠Ùيه من الايثار الشيء الكبير والعظيم، ÙØ§Ù„قضية لم تكن ÙƒÙØ§Ù‹ من الماء، إلاَّ أنه كان يساوي ÙÙŠ تلك Ø§Ù„Ù„ØØ¸Ø§Øª Ø§Ù„ØØ±Ø¬Ø© ØÙŠØ§Ø© إنسان لشدة Ø§Ù„Ø§ØØªÙŠØ§Ø¬ إلى قطرة من الماء لإرواء الأجساد التوَّاقة، وهذا الموق٠هو الذي ترمز إليه وتعبّر عنه الاية القرأنية {ÙˆÙŽÙŠÙØ¤Ù’Ø«ÙØ±Ùونَ عَلَى أَنْÙÙØ³ÙÙ‡Ùمْ وَلَوْ كَانَ بÙÙ‡Ùمْ خَصَاصَةٌ} [Ø§Ù„ØØ´Ø± : 9] ØŒ ÙØªÙ„Ùƒ الطاعة وذلك Ø§Ù„ÙˆÙØ§Ø¡ هي Ø§Ù„Ù†ÙØ³ÙŠØ© المؤمنة التي ينبغي أن يكون عليها الشباب المؤمن المجاهد، ولأن ذلك الإيثار من العباس هو الذي مدØÙ‡ الإمام زين العابدين (عليه السلام) عندما كان ÙÙŠ مقام تبيان Ø§Ù„ÙØ¶Ø§Ø¦Ù„ التي كانت عند أبي Ø§Ù„ÙØ¶Ù„ العباس، ØÙŠØ« قال عليه السلام:
" رØÙ… الله العباس، Ùلقد اثر وأبلى ".
وبتلك المواق٠الرسالية البليغة الوعظ والتأثير ÙÙŠ النÙوس وصل العباس (عليه السلام) إلى ذلك المقام السامي الذي جعل منه قبلة أنظار وأتباع ÙˆÙ…ØØ¨ÙŠ Ø£Ù‡Ù„ البيت عليهم السلام Ù„ÙŠØ´ÙØ¹ لهم عند الله وليطلبوا منه قضاء ØÙˆØ§Ø¦Ø¬Ù‡Ù… التي يضعونها بين يديه، ويتØÙ‚Ù‚ بالتالي الكثير منها كما هو المعهود والمعرو٠منذ تلك العصور من كربلاء، ØØªÙ‰ صارت استجابة الله عزَّ وجلَّ لدعوات المؤمنين وطلباتهم التي يتوجهون بها إليه من خلال أبي Ø§Ù„ÙØ¶Ù„ العباس أثراً مشهوداً عنه، ÙˆÙÙŠ هذا كله من الدلالة على سمو Ø§Ù„Ø±ÙØ¹Ø© وعلوّ المنزلة ما لا يخÙÙ‰ على كل ذي عقل وقلب.
ومما لا ريب Ùيه أن تلك الشخصية استØÙ‚ت بكل تقدير وعن جدارة تلك الزيارة الخاصة التي وردت عن الأئمة الأطهار عليهم السلام والتي جاء Ùيها:
" السلام عليك أيها العبد Ø§Ù„ØµØ§Ù„Ø ÙˆØ§Ù„ØµØ¯ÙŠÙ‚ المواسي أشهد أنك امنت بالله ونصرت ابن رسول الله ودعوت إلى سبيل الله وواسيت Ø¨Ù†ÙØ³Ùƒ ÙØ¹Ù„يك من الله Ø£ÙØ¶Ù„ التØÙŠØ© والسلام، بأبي أنت وأمي يا ناصر دين الله، السلام عليك يا ناصر Ø§Ù„ØØ³ÙŠÙ† الصديق، السلام عليك يا ناصر Ø§Ù„ØØ³ÙŠÙ† الشهيد، عليك مني السلام ما بقيت وبقي الليل والنهار.