انصاره عليهم السلام
اهل بيته عليهم السلام

... لما رأى الحر بن يزيد ان القوم قد صمموا على قتال الحسين (عليه السلام) قال لعمر بن سعد: أي عمر أمقاتل أنت هذا الرجل؟ قال: أي والله قتالا شديدا أيسره أن تسقط الرؤوس وتطيح الا يدى قال: أفما لكم فيما عرضه عليكم رضى؟ قال عمر: أما لو كان الامر إلى لفعلت ولكن أميرك قد أبى فأقبل الحر حتى وقف من الناس موقفا ومعه رجل من قومه يقال له قرة بن قيس، فقال له: يا قرة هل سقيت فرسك اليوم؟ قال: لا، قال: فما تريد أن تسقيه؟ قال قرة: وظننت والله انه يريد أن يتنحى، فلا يشهد القتال، فكره ان أراه حين يصنع ذلك، فقلت له: لم اسقه وانا منطلق لأسقيه، فاعتزل ذلك المكان الذي كان فيه، فوالله لو انه اطلعني على الذي يريد لخرجت معه إلى الحسين (عليه السلام)، فأخذ يدنو من الحسين قليلا قليلا، فقال له المهاجر بن أوس: ما تريد يا بن يزيد تريد ان تحمل؟ فلم يجبه وأخذه مثل الا فكل وهى الرعدة، فقال له المهاجر: ان أمرك لمريب، والله ما رأيت منك في موقف قط مثل هذا، ولو قيل لى من أشجع أهل الكوفة ما عدوتك؟ فما هذا الذي أرى منك؟ فقال له الحر: انى والله أخير نفسى بين الجنة والنار، فوالله لا اختار على الجنة شيئا، ولو قطعت وحرقت.
ثم ضرب فرسه ولحق بالحسين (عليه السلام) فقال له: جعلت فداك يا بن رسول الله أنا صاحبك الذي حبستك عن الرجوع وساير تك في الطريق، وجعجعت بك في هذا المكان، وما ظننت ان القوم يردون عليك ما عرضته عليهم ولا يبلغون منك هذا المنزلة، والله لو علمت أنهم ينتهون بك إلى ما ركبت مثل الذي ركبت، فانى تائب إلى الله مما صنعت فترى لى من ذلك توبة؟ فقال له الحسين (عليه السلام): نعم يتوب الله عليك فانزل، قال: فانا لك فارسا خير منى راجلا؟ أقاتلهم لك على فرسى ساعة والى النزول آخر ما يصير أمرى، فقال له الحسين (عليه السلام): فاصنع يرحمك الله ما بدالك.
فاستقدم أمام الحسين (عليه السلام) ثم انشاء رجل من اصحاب الحسين (عليه السلام) يقول:
لنعم الحر حر بني رياح * وحر عند مختلف الرماح
ونعم الحر اذ نادى حسين * وجاد بنفسه عند الصباح

ثم قال: يا أهل الكوفة لامكم الهبل والعبر أدعوتم هذا العبد الصالح حتى اذا جاءكم أسلمتموه وزعمتم انكم قاتلوا أنفسكم دونه, ثم عدوتم عليه لتقتلوه وامسكتم بنفسه وأخذتم بكظمه واحطتم به من كل جانب لتمنعوه التوجه في بلاد الله العريضة، فصار كالأسير في أيديكم، لا يملك لنفسه نفعا ولا تدفع عنها ضرا، وجلا تموه ونسائه وصبيته وأهله عن ماء الفرات الجاري يشربه اليهود والنصارى والمجوس، وتمرغ فيه خنازير السواد وكلابه، فها هم قد صرعهم العطش، بئس ما خلفتم محمدا في ذريته لا أسقاكم الله يوم الظماء فحمل عليه ليرمونه بالنبل، فأقبل حتى وقف أمام الحسين (عليه السلام).