انصاره عليهم السلام
اهل بيته عليهم السلام

لما خرج أهل البيت من الشام، و اجتازوا المنازل، وصلوا الى قرب المدينة، فقال بشير بن حذلم‏ و كان مع ركب أهل البيت: فلما قربنا منها نزل عليّ بن الحسين (عليه السلام) فحط رحله و ضرب فسطاطه و أنزل نساءه و قال: يا بشير رحم اللّه أباك لقد كان شاعرا فهل تقدر على شي‏ء منه؟ فقلت: بلى يا ابن رسول اللّه انّي لشاعر، فقال (عليه السلام): ادخل المدينة و انع ابا عبد اللّه.
قلت و يناسب أن أذكر في هذا المقام هذه الابيات:
عج بالمدينة و اصرخ في شوارعها بصرخة تملأ الدّنيا بها جزعا
نادي الذين اذا نادى الصّريخ بهم‏ لبّوه قبل صدى من صوته رجعا
قل يا بني شيبة الحمد الذي بهم‏ قامت دعائم دين اللّه و ارتفعا
قوموا فقد عصفت بالطّفّ عاصفة مالت بارجاء طود العزّ فانصدعا
قال بشير: فركبت فرسي و ركضت حتى دخلت المدينة، فلمّا بلغت مسجد النبي (صلى الله عليه واله)رفعت صوتي بالبكاء و أنشأت أقول:
يا أهل يثرب لا مقام لكم بها قتل الحسين فأدمعي مدرار
الجسم منه بكربلاء مضرّج‏ و الرأس منه على القناة يدار
قال: ثم قلت: هذا عليّ بن الحسين عليهما السّلام مع عمّاته و أخواته قد حلّوا بساحتكم و نزلوا
بفنائكم و أنا رسوله إليكم أعرفكم مكانه قال: فما بقيت في المدينة مخدرة و لا محجبة الّا برزن من خدورهنّ مكشوفة شعورهنّ مخمشة وجوههن ضاربات خدودهنّ يدعون بالويل و الثبور، فلم أر باكيا أكثر من ذلك اليوم و لا يوما أمرّ على المسلمين منه، و سمعت جارية تنوح على الحسين (عليه السلام) بأبيات، ثم قالت: أيّها الناعي جددت حزننا بأبي عبد اللّه (عليه السلام) و خدشت منّا قروحا لما تندمل، فمن أنت رحمك اللّه؟ فقلت: أنا بشير بن حذلم وجهني مولاي عليّ بن الحسين (عليه السلام) و هو نازل في موضع كذا و كذا مع عيال ابي عبد اللّه (عليه السلام) و نسائه.
قال: فتركوني مكاني و بادروني، فضربت فرسي حتى رجعت إليهم فوجدت الناس قد أخذوا الطرق و المواضع، فنزلت عن فرسي و تخطّيت رقاب الناس حتى قربت من باب الفسطاط