روي انّ الحسين (عليه السلام) أمر زهير بن القين و سعيد بن عبد اللّه أن يتقدما أمامه حتى يصلّي الظهر، فتقدما أمامه في نحو من نصف اصحابه حتى صلى بهم صلاة الخوف .
و روي انّ سعيد بن عبد اللّه الحنفي تقدم امام الحسين (عليه السلام)، فاستهدف لهم يرمونه بالنبل كلما أخذ الحسين (عليه السلام) يمينا و شمالا قام بين يديه، فما زال يرمى حتى سقط على الارض و هو يقول:
اللهم العنهم لعن عاد و ثمود، اللهم أبلغ نبيّك عنّي السلام و أبلغه ما لقيت من الم الجراح، فانّي أردت ثوابك في نصرة ذرية نبيّك، ثم قضى نحبه رضى اللّه عنه، فوجد به ثلاثة عشر سهما سوى ما به من ضرب السيوف و طعن الرماح .
و قال الشيخ ابن نما: و قيل صلى الحسين (عليه السلام) و أصحابه فرادى بالايماء .
يقول المؤلف: كان سعيد بن عبد اللّه من وجوه الشيعة بالكوفة و هو رجل شجاع ذو عبادة كثيرة، و قد ذكر سابقا أنّ أهل الكوفة أرسلوه مع هاني بن هاني السبيعي، الى الحسين (عليه السلام) كي يعطيه كتبهم و يرغبه بالقدوم الى الكوفة.
و هما آخر من أرسلهما أهل الكوفة بكتبهم، و قد ذكر كلامه ليلة عاشوراء لما اذن لهم الحسين بالانصراف في كتب المقاتل المعتبرة و ذكر اسمه في الزيارة المشتملة على أسامي الشهداء، و قال عبيد اللّه بن عمرو البديّ الكندي في حقه و حق الحر و مواساته مع زهير بن القين:
سعيد بن عبد اللّه لا تنسينّه و لا الحر اذ آسى زهيرا على قسر
فلو وقفت صمّ الجبال مكانهم لمارت على سهل و دكت على وعر
فمن قائم يستعرض النبل وجهه و من مقدم يلقي الأسنة بالصدر
حشرنا اللّه معهم في المستشهدين و رزقنا مرافقتهم في أعلا عليّين.