انصاره عليهم السلام
اهل بيته عليهم السلام

بعث ابن زياد رسولا إلى يزيد يخبره بقتل الحسين و من معه و أن عياله في الكوفة و ينتظر أمره فيهم ، فعاد الجواب بحملهم و الرؤوس معهم‏ «1».
و كتب رقعة ربط فيها حجرا و رماه في السجن المحبوس فيه آل محمد صلى اللّه عليه و آله و سلم و فيها: خرج البريد إلى يزيد بأمركم في يوم كذا و يعود في كذا، فإذا سمعتم التكبير فأوصوا و إلا فهو الأمان، و رجع البريد من الشام يخبر بأن يسرح آل الحسين إلى الشام‏ «2».
فأمر ابن زياد زجر بن قيس و أبا بردة بن عوف الأزدي و طارق بن ظبيان في جماعة من الكوفة أن يحملوا رأس الحسين و رؤوس من قتل معه إلى يزيد «3».
و قيل ذهب برأس الحسين مجبر بن مرة بن خالد بن قناب بن عمر بن قيس بن الحرث بن مالك بن عبيد اللّه بن خزيمة بن لؤي‏ «4».
و سرح في أثرهم علي بن الحسين مغلولة يديه إلى عنقه و عياله معه‏ «5» على حال تقشعر منها الأبدان‏ «6».
و كان معهم شمر بن ذي الجوشن و مجفر بن ثعلبة العائدي‏ «7» و شبث بن ربعي و عمرو بن الحجاج و جماعة و أمرهم أن يلحقوا الرؤوس و يشهروهم في كل بلد يأتونها «8» فجدوا السير حتى لحقوا بهم في بعض المنازل‏ «9».
و حدث ابن لهيعة أنه رأى رجلا متعلقا بأستار الكعبة يستغيث بربه ثم يقول:
و لا أراك فاعلا، فأخذته ناحية و قلت: إنك لمجنون فإن اللّه غفور رحيم، و لو كانت ذنوبك عدد القطر لغفرها لك.
قال لي : إعلم كنت ممن سار برأس الحسين إلى الشام، فإذا أمسينا وضعنا
الرأس و شربنا حوله. و في ليلة كنت أحرسه و أصحابي رقود فرأيت برقا و خلقا أطافوا بالرأس ففزعت و أدهشت و لزمت السكوت فسمعت بكاء و عويلا و قائلا يقول: يا محمد إن اللّه أمرني أن أطيعك فلو أمرتني أن أزلزل بهؤلاء الأرض كما فعلت بقوم لوط فقال له: يا جبرئيل إن لي موقفا معهم يوم القيامة بين يدي ربي سبحانه.
فصحت يا رسول اللّه الأمان فقال لي: إذهب فلا غفر اللّه لك فهل ترى اللّه يغفر لي؟ «10».
و في بعض المنازل وضعوا الرأس المطهر فلم يشعر القوم إلا و قد ظهر قلم حديد من الحائط و كتب بالدم‏ «11» :
أترجو أمة قتلت حسينا شفاعة جده يوم الحساب‏

فلم يعتبروا بهذه الآية و أرداهم العمى إلى مهوى سحيق و نعم الحكم اللّه تعالى.
و قبل أن يصلوا الموضع بفرسخ وضعوا الرأس على صخرة هناك فسقطت منه قطرة دم على الصخرة فكانت تغلي كل سنة يوم عاشوراء و يجتمع الناس هناك من الأطراف فيقيمون المأتم على الحسين و يكثر العويل حولها و بقي هذا إلى أيام عبد الملك بن مروان فأمر بنقل الحجر فلم ير له أثر بعد ذلك و لكنهم بنوا في محل الحجر قبة سموها «النقطة» «12».
و كان بالقرب من «حماة» في بساتينها مسجد يقال له مسجد الحسين و يحدث القومة أن الحجر و الأثر و الدم موضع رأس الحسين حين ساروا به إلى دمشق‏ «13».
و بالقرب من (حلب) مشهد يعرف «بمسقط السقط» «14» و ذلك أن حرم الرسول صلى اللّه عليه و آله و سلم لما وصلوا إلى هذا المكان أسقطت زوجة الحسين سقطا كان يسمى (محسنا) «15».
و في بعض المنازل نصبوا الرأس على رمح إلى جنب صومعة راهب و في أثناء الليل سمع الراهب تسبيحا و تهليلا و رأى نورا ساطعا من الرأس المطهر و سمع قائلا يقول : السلام عليك يا أبا عبد اللّه فتعجب حيث لم يعرف الحال.
و عند الصباح استخبر من القوم قالوا إنه رأس الحسين بن علي بن أبي طالب و أمه فاطمة بنت محمد النبي صلى اللّه عليه و آله و سلم فقال لهم: تبا لكم أيتها الجماعة صدقت‏ الأخبار في قولها إذا قتل تمطر السماء دما.
و أراد منهم أن يقبّل الرأس فلم يجيبوه إلا بعد أن دفع إليهم دراهم ثم أظهر الشهادتين و أسلم ببركة المذبوح دون الدعوة الإلهية و لما ارتحلوا عن هذا المكان نظروا إلى الدراهم و إذا مكتوب عليها :
{وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ} [الشعراء : 227]
أيهدى إلى الشامات رأس ابن فاطم‏ و يقرعه بالخيزرانة كاشحه‏
و تسبى كريمات النبي حواسرا تغادي الجوى من ثكلها و تراوحه‏
يلوح لها رأس الحسين على القنا فتبكي و ينهاها عن الصبر لائحه‏
و شيبته مخضوبة بدمائه‏ يلاعبها غادي النسيم و رائحه‏ (16)


في الشام‏
و لما قربوا من دمشق أرسلت أم كلثوم إلى الشمر تسأله أن يدخلهم في درب قليل النظار و يخرجوا الرؤوس من بين المحامل لكي يشتغل الناس بالنظر إلى الرؤوس فسلك بهم على حالة تقشعر من ذكرها الأبدان و ترتعد لها فرائص كل إنسان.
و أمر أن يسلك بهم بين النظار و أن يجعلوا الرؤوس وسط المحامل‏ «17».
و في أول يوم من صفر دخلوا دمشق‏ «18» فأوقفوهم على (باب الساعات) «19»
و قد خرج الناس بالدفوف و البوقات و هم في فرح و سرور و دنا رجل من «سكينة» و قال من أي السبايا أنتم؟ قالت نحن سبايا آل محمد صلى اللّه عليه و آله و سلم‏ «20».
و كان يزيد جالسا في منظرة على «جيرون» و لما رأى السبايا و الرؤوس على أطراف الرماح و قد أشرفوا على ثنية جيرون نعب غراب فأنشأ يزيد يقول:
ما بدت تلك الحمول و أشرقت‏ تلك الرؤوس على شفا جيرون‏ «21»
نعب الغراب فقلت قل أو لا تقل‏ فقد اقتضيت من الرسول ديوني‏

و من هنا حكم ابن الجوزي و القاضي أبو يعلى و التفتازاني و الجلال السيوطي بكفره و لعنه‏ «22».
و دنا سهل بن سعد الساعدي من سكينة بنت الحسين و قال: ألك حاجة فأمرته بأن يدفع لحامل الرأس شيئا فيبعده عن النساء ليشتغل الناس بالنظر إليه‏ ففعل «سهل» «23».
و دنا شيخ من السجاد عليه السّلام و قال له الحمد للّه الذي أهلككم و أمكن الأمير منكم! ههنا أفاض الإمام من لطفه على هذا المسكين المغتر بتلك التمويهات لتقريبه من الحق و إرشاده إلى السبيل و هكذا أهل البيت عليهم السّلام تشرق أنوارهم على من يعلمون صفاء قلبه و طهارة طينته و استعداده للهداية. فقال (عليه السّلام) له : يا شيخ أقرأت القرآن؟ قال بلى قال عليه السّلام أقرأت‏ { قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى} [الشورى: 23] ‏ و قرأت قوله تعالى: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى } [الأنفال : 41] ‏؟ قال الشيخ : نعم قرأت ذلك.
فقال (عليه السّلام) : نحن و اللّه القربى في هذه الآيات.
ثم قال له الإمام: اقرأت قوله تعالى: { إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا} [الأحزاب : 33]؟ قال : بلى.
فقال (عليه السّلام) : نحن أهل البيت الذين خصهم اللّه بالتطهير.
قال الشيخ : باللّه عليك أنتم هم فقال (عليه السّلام) : و حق جدنا رسول اللّه إنا لنحن هم من غير شك.
فوقع الشيخ على قدميه يقبلهما و يقول أبرأ إلى اللّه ممن قتلكم و تاب على يد الإمام مما فرط في القول معه و بلغ يزيد فعل الشيخ و قوله فأمر بقتله‏ «24».
بأية آية يأتي يزيد غداة صحائف الأعمال تتلى‏
و قام رسول رب العرش يتلو و قد صمت جميع الخلق (قل لا «25»

و قبل أن يدخلوهم إلى مجلس يزيد أتوهم بحبال فربقوهم بها فكان الحبل في عنق زين العابدين إلى زينب أم كلثوم و باقي بنات رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم و كلما قصروا عن المشي ضربوهم حتى أوقفوهم بين يدي يزيد و هو على سريره فقال علي بن الحسين عليه السّلام ما ظنك برسول اللّه لو يرانا على هذا الحال؟ فبكى الحاضرون و أمر يزيد بالحبال فقطعت‏.
و أقيموا على درج باب الجامع حيث يقام السبي و وضع الرأس المقدس بين يدي يزيد و جعل ينظر إليهم و يقول:
صبرنا و كان الصبر منا عزيمة و أسيافنا يقطعن هاما و معصما
نفلق هاما من رجال أعزة علينا و هم كانوا أعق و أظلما «26»

ثم التفت إلى النعمان بن بشير و قال: الحمد للّه الذي قتله فقال النعمان قد كان أمير المؤمنين معاوية يكره قتله فقال يزيد: قد كان ذلك قبل أن يخرج و لو خرج على أمير المؤمنين لقتله‏ .
فليت السماء حقا على الأرض أطبقت‏ و طاف على الدنيا الفناء أو النشر
(بنات علي) و هي خير حرائر يباح بأيدي الأدعياء لها ستر


سبايا على عجف المطايا حواسرا يودعها مصر و يرقبها مصر
فإن دمعت منهن عين و قصرت‏ عن المشي إعياء مخدرة طهر
أهاب بها (شمر الخنا) بقساوة و آلمها في سوطه نقمة (زجر)
و ليس لديها كافل غير مدنف‏ أضرت به البلوى و قد مسه الضر
عليل يعاني القيد و الغل في السرى‏ و يبدو على سيمائه الذل و الأسر
سروا فيه مغلول اليدين مقيدا إلى بطن (حرف) لم يوطأ لها ظهر
و قد أكل اللحم الحديد بجيده‏ و أثر حتى فاض في دمه النحر
يلاحظ أطفالا تصيح و نسوة تعج و أكبادا يطير بها الذعر
و رأس أبيه و هو سبط محمد أمام السبايا تستطيل به السمر
و قد أدخلوه الشام لا مرحبا به‏ و أفراحه تطغى بعيد هو النصر
إلى مجلس فيه ابن هند بنصره‏ قرير و مروان يطير به البشر
و رأس أبيه السبط في طست عسجد أمام دعي غره الزهو و الكبر
و قد كان يخفي الكفر لكن بذكره‏ لأشياخه في بدر قد ظهر الكفر «27»


يزيد مع السجاد
و التفت يزيد إلى السجاد عليه السّلام و قال: كيف رأيت صنع اللّه يا علي بأبيك الحسين؟ قال: رأيت ما قضاه اللّه عزّ و جل قبل أن يخلق السموات و الأرض! و شاور يزيد من كان حاضرا عنده في أمره فأشاروا عليه بقتله! فقال زين العابدين عليه السّلام: يا يزيد لقد أشار عليك هؤلاء بخلاف ما أشار به جلساء فرعون عليه حين شاورهم في موسى و هارون فإنهم قالوا له: أرجه و أخاه و لا يقتل الأدعياء أولاد الأنبياء و أبناءهم فأمسك يزيد مطرقا «28».
و مما دار بينهما من الكلام أن قال يزيد لعلي بن الحسين: {وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ} [الشورى : 30] قال علي بن الحسين : ما هذه فينا نزلت إنما نزل‏
فينا: {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ * لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ } [الحديد: 22، 23] , فنحن لا نأسى على ما فاتنا و لا نفرح بما آتانا فأنشد يزيد قول الفضل بن العباس بن عتبة:
مهلا بني عمنا مهلا موالينا لا تنبشوا بيننا ما كان مدفونا

ثم استأذنه عليه السّلام في أن يتكلم فقال يزيد: نعم على أن لا تقل هجرا قال عليه السّلام لقد وقفت موقفا لا ينبغي لمثلي أن يقول الهجر ما ظنك برسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم لو يراني على هذه الحال فأمر يزيد بأن يفك الغل منه‏.
و أمر يزيد الخطيب أن يثني على معاوية و ينال من الحسين و آله فأكثر الخطيب من الوقيعة في علي و الحسين فصاح به السجاد عليه السّلام: لقد اشتريت مرضاة المخلوق بسخط الخالق فتبوأ مقعدك من النار:
أعلى المنابر تعلنون بسبه‏ و بسيفه نصبت لكم أعوادها

و قال ليزيد أتأذن لي أن أرقى هذه الأعواد فأتكلم بكلام فيه للّه تعالى رضى و لهؤلاء أجر و ثواب فأبى يزيد و ألح الناس عليه فلم يقبل فقال ابنه معاوية إئذن له، ما قدر أن يأتي به؟ فقال يزيد إن هؤلاء ورثوا العلم و الفصاحة وزقوا العلم زقا و ما زالوا حتى أذن له.
فقال عليه السّلام: الحمد للّه الذي لا بداية له، و الدائم الذي لا نفاد له، و الأول‏ الذي لا أولية له ، و الآخر الذي لا آخرية له، و الباقي بعد فناء الخلق، قدر الليالي و الأيام، و قسم فيما بينهم الأقسام، فتبارك اللّه الملك العلام، إلى أن قال: أيها الناس أعطينا ستا و فضلنا بسبع أعطينا العلم و الحلم و السماحة و الفصاحة و الشجاعة و المحبة في قلوب المؤمنين و فضلنا بأن منا النبي و الصديق و الطيار و أسد اللّه و أسد رسوله و سبطا هذه الأمة، أيها الناس من عرفني فقد عرفني و من لم يعرفني أنبأته بحسبي و نسبي أيها الناس أنا ابن مكة و منى، أنا ابن زمزم و الصفا، أنا ابن من حمل الركن بأطراف الردا، أنا ابن خير من ائتزر و ارتدى و خير من طاف و سعى، و حج و لبّى، أنا ابن من حمل على البراق و بلغ به جبرئيل سدرة المنتهى، فكان من ربه كقاب قوسين أو أدنى، أنا ابن من صلى بملائكة السماء، أنا ابن من أوحى إليه الجليل ما أوحى أنا ابن من ضرب بين يدي رسول اللّه ببدر و حنين، و لم يكفر اللّه طرفة عين، أنا ابن صالح المؤمنين و وارث النبيين، و يعسوب المسلمين و نور المجاهدين و قاتل الناكثين، و القاسطين، و المارقين و مفرق الأحزاب أربطهم جأشا، و أمضاهم عزيمة ذاك أبو السبطين الحسن و الحسين، علي بن أبي طالب.
أنا ابن فاطمة الزهراء، و سيدة النساء، و ابن خديجة الكبرى.
أنا ابن المرمل بالدماء، أنا ابن ذبيح كربلا، أنا ابن من بكى عليه الجن في الظلماء، و ناحت الطير في الهواء.
فلما بلغ إلى هذا الموضع ضج الناس بالبكاء و خشي يزيد من الفتنة فأمر المؤذن أن يؤذن للصلاة فقال المؤذن: اللّه أكبر.
قال الإمام اللّه أكبر و أجل و أعلى و أكرم مما أخاف و أحذر، فلما قال المؤذن أشهد أن لا إله إلا اللّه قال عليه السّلام: نعم أشهد مع كل شاهد أن لا إله غيره و لا رب سواه فلما قال المؤذن: أشهد أن محمدا رسول اللّه قال (الإمام) للمؤذن: أسألك بحق محمد أن تسكت حتى أكلم هذا!
و التفت إلى يزيد و قال: هذا الرسول العزيز الكريم جدك أم جدي؟ فإن قلت جدك علم الحاضرون و الناس كلهم أنك كاذب و إن قلت جدي فلم قتلت أبي ظلما و عدوانا و انتهبت ماله و سبيت نساءه فويل لك يوم القيامة إذا كان جدي خصمك.
فصاح يزيد بالمؤذن: أقم للصلاة فوقع بين الناس همهمة و صلى بعضهم و تفرق الآخر «29».
الرأس الأطهر
و دعا يزيد برأس الحسين عليه السّلام و وضعه أمامه في طست من ذهب‏ «30» و كان النساء خلفه فقامت سكينة و فاطمة يتطاولان للنظر إليه و يزيد يستره عنهما فلما رأينه صرخن بالبكاء «31» ثم أذن للناس أن يدخلوا «32» و أخذ يزيد القضيب و جعل ينكت ثغر الحسين‏ «33» و يقول: يوم بيوم بدر «34» و أنشد قول الحصين بن الحمام:
أبى قومنا أن ينصفونا فأنصفت‏ قواضب في أيماننا تقطر الدما
نفلق هاما من رجال أعزة علينا و هم كانوا أعق و أظلما «35»

فقال يحيى بن الحكم بن أبي العاص أخو مروان و كان جالسا عنده :
لهام بجنب الطف أدنى قرابة من ابن‏ زياد العبد ذي الحسب الوغل‏
سمية أمسى نسلها عدد الحصى‏ و ليس لآل المصطفى اليوم من نسل‏

فضربه يزيد على صدره و قال اسكت لا أم لك‏.
و قال أبو برزة الأسلمي أشهد لقد رأيت النبي يرشف ثناياه و ثنايا أخيه الحسن عليه السّلام و يقول أنتما سيدا شباب أهل الجنة قتل اللّه قاتلكما و لعنه و أعد له جهنم و ساءت مصيرا فغضب يزيد منه و أمر به فأخرج سحبا.
و التفت رسول قيصر إلى يزيد و قال إن عندنا في بعض الجزائر حافر حمار عيسى و نحن نحج إليه في كل عام من الأقطار و نهدي إليه النذور و نعظمه كما تعظمون كتبكم فأشهد أنكم على باطل‏ فأغضب يزيد هذا القول و أمر بقتله فقام‏ إلى الرأس و قبله و تشهد الشهادتين و عند قتله سمع أهل المجلس من الرأس الشريف صوتا عاليا فصيحا «لا حول و لا قوة إلا باللّه» «36».
ثم أخرج الرأس من المجلس و صلب على باب القصر ثلاثة أيام‏ «37» فلما رأت هند بنت عمرو بن سهيل زوجة يزيد الرأس على باب دارها «38» و النور الإلهي يسطع منه و دمه طري لم يجف و يشم منه رائحة طيبة «39» دخلت المجلس مهتوكة الحجاب و هي تقول: رأس ابن بنت رسول اللّه على باب دارنا فقام إليها يزيد و غطاها و قال لها أعولي عليه يا هند فإنه صريخة بني هاشم عجل عليه ابن زياد «40».
و أمر يزيد بالرؤوس أن تصلب على أبواب البلد و الجامع الأموي ففعلوا بها ذلك‏ «41».
و فرح مروان بقتل الحسين عليه السّلام فقال:
ضربت دوسر فيهم ضربة أثبتت أوتاد ملك فاستقر

ثم جعل ينكت بالقضيب في وجهه و يقول:
يا حبذا بردك في اليدين‏ و لونك الأحمر في الخدين‏
كأنه بات بعسجدين‏ شفيت منك النفس يا حسين‏ «42»

الشامي مع فاطمة
قال الرواة نظر رجل شامي إلى فاطمة بنت علي‏ «43» فطلب من يزيد أن يهبها له لتخدمه ففزعت ابنة أمير المؤمنين و نعلقت بأختها العقيلة زينب و قالت كيف أخدم؟ قالت العقيلة: لا عليك إنه لن يكون أبدا فقال يزيد لو أردت لفعلت! فقالت له إلا أن تخرج عن ديننا فرد عليها: إنما خرج عن الدين أبوك و أخوك! قالت زينب: بدين اللّه و دين جدي و أبي و أخي اهتديت أنت و أبوك إن كنت مسلما قال: كذبت يا عدوة اللّه! فرقت عليها السّلام و قالت أنت أمير مسلط تشتم ظالما و تقهر بسلطانك‏ «44» و عاود الشامي الطلب فزبره يزيد و نهره و قال له وهب اللّه لك حتفا قاضيا «45».
خطبة زينب‏
قال ابن نما و ابن طاووس‏ «46» لما سمعت زينب بنت علي عليهما السّلام‏ «47» يزيد يتمثل بأبيات ابن الزبعرى‏ :
ليت أشياخي ببدر شهدوا جزع الخزرج من وقع الأسل‏
لأهلوا و استهلوا فرحا ثم قالوا يا يزيد لا تشل‏
قد قتلنا القرم من ساداتهم‏ و عدلناه ببدر فاعتدل‏
لعبت هاشم بالملك فلا خبر جاء و لا وحي نزل‏
لست من خندف إن لم أنتقم‏ من بني أحمد ما كان فعل‏

قالت:
الحمد للّه رب العالمين، و صلى اللّه على رسوله و آله أجمعين، صدق اللّه سبحانه حيث يقول: {ثُمَّ كَانَ عَاقِبَةَ الَّذِينَ أَسَاءُوا السُّوأَى أَنْ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَكَانُوا بِهَا يَسْتَهْزِئُونَ} [الروم : 10] ‏. أظننت يا يزيد حيث أخذت علينا أقطار الأرض، و آفاق السماء، فأصبحنا نساق كما تساق الأسارى أن بنا على اللّه هوانا، و بك عليه كرامة، و أن ذلك لعظم خطرك عنده فشمخت بأنفك، و نظرت في عطفك، جذلان مسرورا، حين رأيت الدنيا لك مستوسقة، و الأمور متسقة، و حين صفا لك ملكنا و سلطاننا فمهلا مهلا، أنسيت قول اللّه تعالى: {وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوا إِثْمًا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ} [آل عمران : 178] ‏.
أمن العدل يا ابن الطلقاء، تخديرك حرائرك و إماءك، و سوقك بنات رسول اللّه سبايا، قد هتكت ستورهن، و أبديت وجوههن، تحدو بهن الأعداء من بلد إلى بلد، و يستشرفهن أهل المناهل و المعاقل، و يتصفح وجوههن القريب و البعيد ، و الدني و الشريف، ليس معهن من حماتهن حمي و لا من رجالهن ولي، و كيف يرتجى مراقبة من لفظ فوه أكباد الأزكياء، و نبت لحمه من دماء الشهداء، و كيف يستبطأ في بغضنا أهل البيت من نظر إلينا بالشنف و الشنآن، و الإحن و الأضغان ثم تقول غير متأثم و لا مستعظم:
لأهلوا و أستهلّوا فرحا ثم قالوا يا يزيد لا تشل‏

منحنيا على ثنايا أبي عبد اللّه سيد شباب أهل الجنة تنكتها بمخصرتك و كيف لا تقول ذلك، و قد نكأت القرحة، و استأصلت الشأفة، بإراقتك دماء ذرية محمد صلى اللّه عليه و آله و سلم و نجوم الأرض من آل عبد المطلب و تهتف بأشياخك زعمت أنك تناديهم فلتردن وشيكا موردهم و لتودن أنك شللت و بكمت و لم تكن قلت ما قلت و فعلت ما فعلت.
اللهم خذ لنا بحقنا، و انتقم ممن ظلمنا، و أحلل غضبك بمن سفك دماءنا، و قتل حماتنا.
فو اللّه ما فريت إلا جلدك، و لا حززت إلا لحمك، و لتردن على رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم بما تحملت من سفك دماء ذريته و انتهكت من حرمته في عترته و لحمته، حيث يجمع اللّه شملهم، ويلم شعثهم، و يأخذ بحقهم‏ {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ } [آل عمران: 169] ‏.
و حسبك باللّه حاكما، و بمحمد صلى اللّه عليه و آله و سلم خصما، و بجبرائيل ظهيرا، و سيعلم من رسول لك و مكنك من رقاب المسلمين بئس للظالمين بدلا و أيكم شر مكانا، و أضعف جندا.
و لئن جرّت علي الدواهي مخاطبتك، إني لأستصغر قدرك و أستعظم تقريعك، و أستكثر توبيخك، لكن العيون عبرى، و الصدور حرى.
ألا فالعجب كل العجب ، لقتل حزب اللّه النجباء، بحزب الشيطان الطلقاء، فهذه الأيدي تنطف من دمائنا، و الأفواه تتحلب من لحومنا و تلك الجثث الطواهر الزواكي تنتابها العواسل ، و تعفرها أمهات الفراعل و لئن اتخذتنا مغنما، لتجدنا وشيكا مغرما ، حين لا تجد إلا ما قدمت يداك و ما ربك بظلام للعبيد، و إلى اللّه‏ المشتكى و عليه المعول.
فكد كيدك، واسع سعيك، و ناصب جهدك، فو اللّه لا تمحو ذكرنا، و لا تميت وحينا، و لا يرحض عنك عارها، و هل رأيك إلا فند و أيامك إلا عدد، و جمعك إلا بدد، يوم ينادي المنادي ألا لعنة اللّه على الظالمين.
و الحمد للّه رب العالمين، الذي ختم لأولنا بالسعادة و المغفرة و لآخرنا بالشهادة و الرحمة، و نسأل اللّه أن يكمل لهم الثواب، و يوجب لهم المزيد و يحسن علينا الخلافة، إنه رحيم ودود، و حسبنا اللّه و نعم الوكيل».
فقال يزيد:
يا صيحة تحمد من صوائح‏ ما أهون النوح على النوائح‏

و من جهل يزيد وغيه و ضلاله قوله بمل‏ء فمه غير متأثم و لا مستعظم يخاطب من حضر عنده من ذؤبان أهل الشام: أتدرون من أين أتي ابن فاطمة و ما الحامل له على ما فعل و الذي اوقعه فيما وقع؟ قالوا: لا، قال: يزعم أن أباه خير من أبي و أمه فاطمة بنت رسول اللّه خير من أمي و جده خير من جدي و أنه خير مني و أحق بهذا الأمر مني فأما قوله: أبوه خير من أبي فقد حاج أبي أباه إلى اللّه عز و جل و علم الناس أيهما حكم له، و أما قوله: أمه خير من أمي فلعمري إن فاطمة بنت رسول اللّه خير من أمي، و أما قوله: جده خير من جدي فلعمري ما أحد يؤمن باللّه و اليوم الآخر و هو يرى أن لرسول اللّه فينا عدلا و لا ندا، و لكنه إنما أتي من قلة فقهه و لم يقرأ: {قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [آل عمران : 26] و قوله تعالى: { وَاللَّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشَاءُ} [البقرة: 247] .
الخربة
و لقد أحدثت هذه الخطبة هزة في مجلس يزيد وراح الرجل يحدث جليسه بالضلال الذي غمرهم و أنهم في أي واد يعمهون، فلم ير يزيد مناصا إلا أن يخرج الحرم من المجلس إلى خربة لا تكنهم من حر و لا برد فأقاموا فيها ينوحون على‏ الحسين (عليه السّلام‏) ثلاثة أيام‏.
و في بعض الأيام خرج السجاد عليه السّلام منها يتروح، فلقيه المنهال بن عمرو و قال له: كيف أمسيت يا ابن رسول اللّه؟ قال عليه السّلام: أمسينا كمثل بني إسرائيل في آل فرعون يذبحون أبناءهم و يستحيون نساءهم، أمست العرب تفتخر على العجم بأن محمدا منها، و أمست قريش تفتخر على سائر العرب بأن محمدا منها، و أمسينا معشر أهل بيته مقتولين مشردين فإنّا للّه و إنا إليه راجعون‏.
قال المنهال: و بينا يكلمني إذ امرأة خرجت خلفه تقول له: إلى أين يا نعم الخلف؟ فتركني و أسرع إليها فسألت عنها قيل: هذه عمته زينب‏.
______________
(1) اللهوف ص 95 و 97.
(2) الطبري ج 6 ص 226، و في ص 96 ذكر أن أبا بكرة أجله بسر بن أرطاة أسبوعا على أن يذهب إلى معاوية فرجع من الشام في اليوم السابع. و في مثير الأحزان لابن نما ص 74 أن عميرة أرسله عبد اللّه بن عمر إلى يزيد و معه كتاب إلى ابن زياد ليطلق سراح المختار الثقفي، فكتب يزيد بذلك إلى عبيد اللّه بن زياد، فجاء عميرة بالكتاب إلى الكوفة و قد-- قطع المسافة بين الشام و الكوفة بأحد عشر يوما.
(3) الطبري ج 6 ص 264 و ابن الأثير ج 4 ص 34 و البداية ج 8 ص 191 و الخوارزمي و إرشاد المفيد و أعلام الورى ص 149 و اللهوف ص 97.
(4) الإصابة ج 3 ص 489 بترجمة مرة.
(5) تاريخ الطبري ج 6 ص 254 و الخطط المقريزية ج 2 ص 288.
(6) تاريخ القرماني ص 108 و في مرآة الجنان لليافعي ج 1 ص 134 سيقت بنات الحسين بن علي و معهم زين العابدين و هو مريض كما تساق الأسارى قاتل اللّه فاعل ذلك، و خالف ابن تيمية ضرورة التاريخ فقال كما في المنتقى من منهاج الاعتدال للذهبي ص 288 سير ابن زياد حرم الحسين بعد قتله إلى المدينة.
(7) في جمهرة أنساب العرب لابن حزم ص 165 قال: بنو عائدة منهم مجفر بن مرة بن خالد بن عامر بن قبان بن عمرو بن قيس بن الحارث بن مالك بن عبيد بن خزيمة بن لؤي، و هو الذي حمل رأس الحسين بن علي رضي اللّه عنهما إلى الشام.
(8) المنتخب للطريحي ص 339 الطبعة الثانية.
(9) الإرشاد للمفيد.
(10) اللهوف ص 98.
(11) مجمع الزوائد لابن حجر ج 9 ص 199 و الخصائص للسيوطي ج 2 ص 127 و تاريخ ابن عساكر ج 4 ص 342 و الصواعق المحرقة ص 116 و الكواكب الدرية ج 1 ص 57 و الإتحاف بحب الأشراف ص 23 و نسبه ابن طاووس في اللهوف ص 98 إلى تاريخ بغداد لابن النجار و في تاريخ القرماني ص 108: وصلوا إلى دير في الطريق فنزلوا فيه ليقيلوا به فوجدوا مكتوبا على بعض جدرانه هذا البيت و في الخطط المقريزية ج 2 ص 285 كتب هذا قديما و لا يدرى قائله. و في مثير الأحزان لابن نما ص 53: حفروا في بلاد الروم حفرا قبل أن يبعث النبي صلى اللّه عليه و آله و سلم بثلثمائة سنة فأصابوا حجرا مكتوب عليه بالمسند هذا البيت و المسند كلام أولاد شيث.
(12) نفس المهموم ص 228 للشيخ الجليل الشيخ عباس القمي و في نهر الذهب في تاريخ-- حلب ج 3 ص 23 لما جي‏ء برأس الحسين مع السبايا و وصلوا إلى هذا الجبل غربي حلب قطرت من الرأس الشريف قطرة دم و عمر على أثرها مشهد عرف (بمشهد النقطة) و فيه ج 3 ص 280 نقل من تاريخ يحيى بن أبي طي من عمر هذا المشهد و توالي العمارات عليه.
و في كتاب الإشارات إلى معرفة الزيارات تأليف أبي الحسن علي بن أبي بكر الهروي المتوفى سنة 611 ص 66 في مدينة نصيبين مشهد النقطة يقال أنه من دم رأس الحسين عليه السّلام و في سوق النشابين مشهد الرأس فإنه علق هناك لما عبروا بالسبي إلى الشام.
(13) قال الشيخ المحدث الجليل الشيخ عباس القمي في نفس المهموم شاهدت هذا الحجر عند سفري إلى الحج و سمعت الخدم يتحدثون بذلك.
(14) في معجم البلدان ج 3 ص 173 و خريدة العجائب ص 128 يسمى مشهد الطرح و في نهر الذهب ج 2 ص 278 سمي مشهد الدكة و مشهد الطرح يقع غربي حلب و حكى عن تاريخ ابن أبي طي أن مشهد الطرح ظهرت عمارته سنة 351 بأمر من سيف الدولة و ذكر بعضهم أن إحدى نساء الحسين أسقطت هنا لما جي‏ء بسبي عيال الحسين و الرؤوس و كان هنا معدن، و أهله لما فرحوا بالسبي دعت عليهم (زينب) ففسد ذلك المعدن فعمره سيف الدولة! ثم ذكر توالي العمارات عليه.
(15) في معجم البلدان ج 3 ص 173 بمادة جوشن و خريدة العجائب لابن الوردي ص 128 عند ذكر جبل جوشن أن بعض سبي الحسين عليه السّلام طلب ممن يقطن هناك من الصناع خبزا و ماء فدعا عليهم و من ذلك لا يربح أهل ذلك الموضع.
(16) تذكرة الخواص ص 150.
(17) للعلامة الشيخ عبد الحسين الأعسم النجفي رحمه اللّه.
(18) اللهوف ص 99 و مثير الأحزان لابن نما ص 53 و مقتل العوالم ص 145.
(19) نص عليه كامل البهائي و الآثار الباقية للبيروني ص 331 طبع الأفست و المصباح للكفعمي ص 269 و تقويم المحسنين للفيض ص 15 و بناء على ما في تاريخ الطبري ج 6 ص 266 من حبسهم في السجن إلى أن يأتي البريد من الشام يخبرهم ببعد وصولهم إلى الشام في أول صفر فإن المسافة بعيدة تستدعي زمنا طويلا اللهم إلا أن يكون البريد من طريق «الطير».
(20) مقتل الخوارزمي ج 2 ص 61 روى أنهم أدخلوا مدينة دمشق من باب (توما) و هذا الباب-- كما في ثمار المقاصد ص 109 أحد أبواب مدينة دمشق القديمة.
و يحدث أبو عبد اللّه محمد بن علي بن إبراهيم المعروف بابن شداد المتوفى سنة 684 في اعلاق الخطيرة ج 3 ص 72 قال: إنما سمي بباب الساعات لأنه عمل هناك بنظام الساعات يعلم بها كل ساعة تمضي من النهار عليها عصافير من نحاس و غراب و حية من نحاس فإذا أتمت الساعة خرجت الحية فصفرت العصافير و صاح الغراب و سقطت حصاة في الطشت.
(21) أمالي الصدوق ص 100 مجلس 31 و مقتل الخوارزمي ج 2 ص 60.
(22) في صورة الأرض لابن حوقل ص 161 طبع أوفست في دمشق ليس في الإسلام أحسن منه كان مصلى الصابئين ثم صار لليونان يعظمون فيه دينهم ثم صار لليهود و ملوك عبدة الأصنام و باب هذا المسجد يسمى باب جيرون، صلب على هذا الباب رأس يحيى بن زكريا و صلب على باب جيرون رأس الحسين بن علي في الموضع الذي صلب فيه رأس يحيى بن زكريا. و لما كان أيام الوليد بن عبد الملك جعل وجه جدرانه رخاما إلخ.
و يظهر أن هذا المسجد هو الجامع الأموي.
(23) روح المعاني للآلوسي ج 26 ص 73 آية: فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ‏ قال الآلوسي: أراد بقوله: «فقد أقتضيت من الرسول ديوني» أنه قتل بما قتله رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم يوم بدر كجده عتبة و خاله و غيرهما و هذا كفر صريح و مثله تمثله بقول ابن الزبعرى قبل إسلامه (ليت أشياخي) الأبيات.
(24) مقتل العوالم ص 145.
(25) اللهوف ص 100 و في تفسير ابن كثير ج 4 ص 112 و روح المعاني للآلوسي ج 25 ص 31 و مقتل الخوارزمي ج 2 ص 61 أن السجاد قرأ على الشيخ آية المودة فأذعن له.
(26) مرآة الجنان لليافعي ج 1 ص 135 و في كامل ابن الأثير ج 4 ص 35 و عليه مروج الذهب لما أدخل الرأس عليه جعل ينكته بقضيب و تمثل بقول الحصين بن حمام:
أبى قومنا أن ينصفونا فأنصفت‏ قواضب في أيماننا تقطر الدما
نفلق هاما من رجال أعزة علينا و هم كانوا أعق و أظلما
و في العقد الفريد ج 2 ص 313 في خلافة يزيد قال لما وضع الرأس بين يديه تمثل يزيد بقول الحصين بن الحمام المرّي و ذكر البيت الثاني و اقتصر ابن حجر الهيثمي في مجمع الزوائد ج 9 ص 198 على البيت الثاني و اقتصر الخوارزمي في المقتل ج 2 ص 61 على وقوفهم على درج باب الجامع و هذان البيتان للحصين بن الحمام ذكرهما في المؤتلف و المختلف للآمدي ص 91 قال: إن الحصين بن حمام بن ربيعة إلى آخر نسبه قال من قصيدة طويلة و ذكر ثلاثة أبيات فيها البيتان. و في الشعر و الشعراء ص 151 ذكر ثلاثة أبيات فيها البيت الثاني. و في الأشباه و النظائر ص 4 من أشعار المتقدمين و الجاهليين للخالديين اقتصر على البيت الثاني و في الأغاني ج 12 ص 120 طبعة ساسي ذكر ثلاثة عشر بيتا فيها البيتان ..
(27) من قصيدة للعلامة الشيخ عبد المنعم الفرطوسي.
(28) إثبات الوصية ص 143 ط نجف.
(29) نفس المهموم ص 242 و الخطبة طويلة في مقتل الخوارزمي ج 2 ص 69.
(30) مرآة الجنان لليافعي ج 1 ص 135.
(31) كامل ابن الأثير ج 4 ص 35 و مجمع الزوائد ج 9 ص 195 و الفصول المهمة لابن الصباغ ص 205.
(32) كامل ابن الأثير ج 4 ص 35.
(33) تاريخ الطبري ج 6 ص 267 و كامل ابن الأثير ج 4 ص 35 و تذكرة الخواص ص 148 و الصواعق المحرقة ص 116 و الفروع لابن مفلح الحنبلي في فقه الحنابلة ج 3 ص 549 و مجمع الزوائد لابن حجر ج 9 ص 195 و الفصول المهمة لابن الصباغ ص 205 و الخطط المقريزية ج 3 ص 289 و البداية لابن كثير ج 8 ص 192 و شرح مقامات الحريري للشريشي ج 1 ص 193 آخر المقامة العاشرة و أيام العرب في الإسلام ص 435 تأليف محمد أبي الفضل و علي محمد البجاوي و مناقب ابن شهراشوب ج 2 ص 225 و في الاتحاف بحب الأشراف ص 23 صار يزيد يضرب ثناياه بالقضيب و كذا في الآثار الباقية للبيروني ص 331 طبعة الأوفست. «و النكت» كما في صحاح الجوهري الضرب و في المغرب للمطرزي ج 2 ص 227 نكتت خدها بأصابعها أي نقرته و ضربته و في مقاييس اللغة لابن فارس ج 5 ص 475 نكت في الأرض بقضيبه ينكت إذا أثر فيها.
(34) مناقب ابن شهراشوب ج 2 ص 226.
(35) كامل ابن الأثير ج 4 ص 35 و الفصول المهمة لابن الصباغ ص 205 و البيت الأول عند اليافعي في مرآة الجنان ج 1 ص 135:- -
صبرنا فكان الصبر منا عزيمة و أسيافنا يقطعن كفا و معصما
و رواه سبط ابن الجوزي في تذكرة الخواص ص 148 مع تغيير في بعض ألفاظه و جماعة من المؤرخين اقتصروا على البيت الثاني منهم الشريشي في شرح مقامات الحريري ج 1 ص 193 و الأندلسي في العقد الفريد ج 2 ص 313 و ابن كثير في البداية ج 8 ص 197 و الشيخ المفيد في الإرشاد و ابن جرير الطبري في التاريخ ج 6 ص 267 و قال البيت للحصين بن الحمام المري.
(36) مقتل العوالم ص 151 و مثير الأحزان لابن نما و في مقتل الخوارزمي ج 2 ص 72 ذكر محاورة النصراني مع يزيد و قتله و لم يذكر كلام الرأس الأطهر.
(37) الخطط المقريزية ج 2 ص 289 و الاتحاف بحب الأشراف ص 23 و مقتل الخوارزمي ج 2 ص 75 و البداية لابن كثير ج 8 ص 204 و سير أعلام النبلاء ج 3 ص 216.
(38) مقتل العوالم ص 151 و تقدم في المقدمة من هذا الكتاب تعريف أبيها و عند من كانت!
(39) الخطط المقريزية ج 2 ص 284.
(40) المقتل الخوارزمي ج 2 ص 74.
(41) نفس المهموم ص 247.
(42) رياض الأحزان ص 59 و مثير الأحزان لابن نما ص 5 و اقتصر سبط ابن الجوزي على البيت الأول و يروي ابن أبي الحديد في شرح النهج ج 1 ص 361 مصر أن مروان كان أمير المدينة فلما وصل إليه الرأس قال:
يا حبذا بردك في اليدين‏ و حمرة تجري على خدين‏
كأنما بات بعسجدين‏
ثم رمى بالرأس نحو القبر و قال يا محمد يوم بيوم بدر و الخبر مشهور و الصحيح أن مروان لم يكن أمير المدينة. و في أقرب الموارد مادة (برد) البرد حب الغمام و يستعمل للأسنان الشديدة البياض، و في آداب اللغة العربية لجرجي زيدان ج 1 ص 282 من شعر يزيد بن الطثرية قوله:
بنفسي من لو مر بنانه‏ على كبدي كانت شفاء أنامله‏
و البرد كما في تاج العروس ج 2 ص 298 السكون و الفتور فكأنه أراد أن يكون قتله و إسكاته عن الحركة بيده و أنه الذي يضرج خديه بحمرة الدم، و استبعاد حضور مروان في الشام حينذاك يرده نص ابن جرير الطبري في التاريخ ج 6 ص 267 و ابن كثير في البداية ج 8 ص 196 كان مروان بن الحكم يسأل الجماعة الذين وردوا الشام مع العيال عما فعلوه بالحسين عليه السّلام.
(43) تاريخ الطبري ج 6 و البداية لابن كثير ج 8 ص 194 و أمالي الشيخ الصدوق ص 100 مجلس 31 و يروي ابن نما في مثير الأحزان ص 54 و الخوارزمي في المقتل ج 2 ص 62 أنها فاطمة بنت الحسين عليه السّلام.
(44) ابن الأثير ج 4 ص 35.
(45) الطبري ج 6 ص 265.
(46) ذكرت هذه الخطبة في «بلاغات النساء» ص 21 ط النجف و مقتل الخوارزمي ج 2 ص 64.
(47) عرفها الخوارزمي في مقتل الحسين أن أمها فاطمة: بنت رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم.